يوميات طحلب تعيس.السلسلة الكاملة

يوميات طحلب تعيس.السلسلة الكاملة
يوميات طحلب تعيس...الحلقة الرابعة و الثلاثون " بوريك بالجبنة " "أذّن يمّاه ولاّ مازال ؟". هذا ما قلته لأمي في المطبخ أثناء قيامها بقلي البعض من قطع السنبوسة "البوريك" المحشوّة بالجبن. قالت دون أن تلتفت إليّ: مازال يا "طحلب", قريب. كنت أنتظر آذان المغرب بفارغ الصبر, لأني و بكل بساطة لم أتسحّر ليلة البارحة ! فاليوم هو خامس أيام شهر رمضان, هذا الشهر الذي لم يمر علينا مثله في الجماهيرية من قبل بسبب المؤامرة المحاكة ضد الجماهيرية الإسلامية. فلا البوريك كان بالبيض, ولا الشوربة كانت بالضأن, ولا الحلو كان كنافةً, ولا التلفاز كان "كافواً" أو "كوراً"! و لكن و لحسن الحظ كان البسباسيّ بسباسيّاً, و كانت البسمة بسمةً! و لمّا حان أذان الإفطار...أوه !...أقصد أذان المغرب! و بعد تناول البعض من حبّات التمر مع الحليب الذي لم يكن مصنّعاً في مصانع الجرذان! وضعت الحاجّة طعام الإفطار, و جلست العائلة ملتفّةً حول المائدة و هي تستمع لحلقة من حلقات البسباسي الرّائعة من المذياع و ليس من التلفاز! فقد كان هناك انقطاع في التيار الكهربائي كالعادة ! و لكن, كل هذا يهون في سبيل المسلم الأول و الأخير, معمر القذافي. كانت كلمات البسباسي الرنّانة تتراقص بين أسماع الحاضرين كأنما "باليرينا" جميلة في إحدى الفصول الرائعة من مسرحيّة "بحيرة البجع", فهذا البسباسي يُعد من أصدق الناس في الكلام عن ملك الملوك القائد الأممي المعلم المفكر البطل المغوار معمّر بن أبي منيار. قال أبي و هو يقرمش إحدى قطع البوريك اللذيذة: يعطيه الصحّة هالبسباسي قدّاش راجل فنّان و محترم و مؤدّب, غير كان يكثّرلنا شويّة من كلمة "جرذان", نحس فيه امنقّص منها! مع أنها كلمة مباركة ذكرها القائد العظيم في خطابه اللي كان كلّه حِكم و عِبر و فلسفة فوق من قدرة البشر العاديّين. قال البسباسي و كأنه يقاطع الوالد: كمشة جرذان ! فضحكت العائلة قاطبة لهذا الموقف العفوي الجميل. قالت أختي "زهرة" ذات الأربعة عشر عاماً: شن رايكم في البيتسا ؟ أنا درتها اليوم, درتها بالفلفل الأخضر و الطماطم الأخضر و الزيتون الأخضر و الفقّاع الأخضر و الجرجير الأخضر. قلت لها و أنا أتأمّل تلك البيتزا: لكن ناقصة حاجة مهمّة! قالت: شن هي يا "طحلب"؟ قلت: ناقصة طحالب, مرّة دارتهالنا أم عمران, مش عاديّة بكّل. قالت أمي و هي تسكب الشوربة في طبقي: خلاص, جيبلنا زوز كيلو طحالب غدوة و انديروها البيتسا اللي تبّيها. و بعد الانتهاء من وجبة الإفطار, و كالعادة, أخذت فنجان القهوة خاصتي و خرجت للـ"بالكون" لاستمتع بسيجارة الإفطار و لأتّصل بـ"طحلوبتي" الحبيبة. دار الآتي في ذلك الاتصال: "أنا": ألو..."طحلوبتي"...صحة شريبتك! "طحلوبة": الله يسلّمك يا "طحلوبي" الغالي, شن امداير؟ "أنا": تمام!...عندكم ضَيْ ؟ "طحلوبة": لا لا , لكن عادي, مادام "عمورة" قاعد منوّرلنا حياتنا كلها. "أنا": يعجبني فيك صمودك يا حبيبتي. "طحلوبة": باهي شن صار؟ امتى بتتطوّع و تمشي لجبهة مصراتة؟ مش وعدتني؟ "أنا": أكيد حنمشي يا حبيبتي, كل شي في وقته كويّس, انتِ تعرفي قدّاش أنا مشغول اليومين هما. "طحلوبة": ربّي يكون في عونك, عارفاتك امتعّب روحك في الشغل, و على فكرة, حتى اللي ادّير فيه يُعتبر جهاد, مادامك مشارك في تنظيم ملتقى قبائل طرابلس العريقة للالتحام بقائد النصر و التحدي. "أنا": طبعاً يا "طحلوبة", هادا أقل واجب انديره. "طحلوبة": شن صار في صاحبك الجرذ؟ لقيتوه؟ "أنا": قصدك "خيري"؟ لا لا, فص ملح و ذاب, لكن وين بيهرب من المجاهدين؟ أكيده بيشدّوه هالجرذ, و معاش تقولي عليه صاحبي يا "طحلوبة", نزعل راه! "طحلوبة": إلاّ زعلك يا حبيبي, ما نقدرش عليه أنا, خلاص, آسفة, معاش نقولها, سامحني. "أنا": بجدّيات زعلتيني راه ! لكن سامحتك. "طحلوبة": بجديات سامحتني؟ "أنا": والله الله ! "طحلوبة": مافيش حد في الدنيا حنيّن عليّا زيّك, ربّي يحفظك ليّا يا "طحلوبي". "أنا": و يحفظك ليّا يا عيون "طحلوبي". "طحلوبة": خلاص! بنصكّر توّا ! ماما تبّيني, باي توّا باي! و أقفلت الخط مباشرة لتتركني شارداً أتأمّل الشارع المظلم و قد اتّخذت عيناي شكل قلبين صغيرين نابضين! و في بغتة.....جاء "الصّيد" و هو أخي الملتحي المتديّن, و صرخ في وجهي و هو يقف على أعتاب باب الـ"بالكون": الناس اهما أكيد كفّار, أكيد كفّار !!....!!........يتبع في الحلقة القادمة "طحلب" إعداد: مختار السباعي

أريام 2004 والله